المقدمة
يحتاج المراهق إلى الكثير من التطمينات:
-
بأنّه "طبيعي"
-
بأن كل إنسان يختلف عن الآخر
-
بأن الاختلاف تميز.
لماذا يشعر المراهقون بالاختلاف؟
أولا˝، بسبب التفكير المتمحور على الذات (ما عرّفه "جان بياجيه"1 بال(adolescent egocentrism:
-
يهتمّ المراهق كثيرا بنظرة الآخرين له
-
يعتقد أنه محور انتباه الجميع
-
يضع نفسه في عملية تقييم ذاتي مستمرة
ثانيا˝، بسبب القفزة النوعية في تطوّره الذهني (أصبح قادرا على التحليل المنطقي وفهم الأمور المجرّدة):
-
يدرك المراهق جيدا˝ الفرق بين الواقع من جهة، وما هو معقول أو محتمل من جهة أخرى
-
يتأمّل في أمور تتخطّى الواقع والملموس والمألوف
-
يهتم بكل ما هو مختلف عنه، عن نمط حياته، عن محيطه وعن معتقداته
-
يرغب في الاطّلاع على كل ما هو جديد ومختلف .
ثالثا˝، بسبب التغيّرات الجسدية حيث يشعر المراهق بأنه مختلف عمّا كان عليه في السنوات السابقة:
-
تظهر قفزة سريعة في النمو
-
يزداد اهتمامه وفضوله في هذه التغيّرات (عنده وعند الآخرين)
-
يركّز كل اهتمامه على مظهره الخارجي
-
يصبح شديد الحساسية للنقد من قبل الآخرين
-
يقارن نفسه بالآخرين
رابعا˝، بسبب نمو المهارات المرافقة للنمو الجسدي والفكري، مثل:
-
اكتساب مهارات جديدة على صعيد النشاطات الرياضية
-
اكتساب مهارات جديدة على صعيد النشاطات الفنية (مثل الموسيقى أو الرقص أو الفنون القتالية)
-
تطوّر القدرات الفكرية عند المراهقين من التفكير المادي الى التفكير المجرّد، من الحدس الى المنطق، ما يفسح أمامهم المجال:
-
للمناقشة الناشطة
-
للتفكيرالنقدي
-
للمساءلة
-
لإعادة النظر بالأمور والظروف الراهنة
-
لتأمّل الخيارات البديلة والفرضيات المختلفة
-
لإختبار معتقدات وقضايا جديدة ومثيرة تساهم في إعدادهم النفسي والاجتماعي والذهني.
-
تطوّر الرغبة في الانتماء الى "شلّة" معيّنة من الأقران ، ما يعطيه شعور بالأمان وبأنه "طبيعي" وليس وحيدا˝ومنبوذا˝،ويحدّد من خلاله دوره الاجتماعي وأولويّاته وتطلّعاته الشخصية ونظرته للآخرين من خارج مجموعته، أي هؤلاء "المختلفين"، وكل ذلك في غياب تام لإشراف الراشدين.
خامسا˝، بسبب العوامل الاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية التي تميّز الشباب عن بعضهم البعض :
-
العامل الاقتصادي الاجتماعي: في فترة المراهقة، تبرز الاختلافات بين الطبقات الاجتماعية بشكل واضح ويصبح المراهق أكثر إدراكا˝ لعواقب إنتماءه الطبقي الاجتماعي. وقد يؤثّر ذلك على صورته الذاتية ورغبته للانتماء الى مجموعة معيّنة: فامّا ينضم الى مجموعة تتميّز بنفس الخصائص الاجتماعية-الاقتصادية كالمحيط الذي نشأ فيه، أو قد ينضم الى مجموعة مختلفة كليا˝، مختبرا˝بذلك أزمة انتماء شخصية حادّة تتّسم بحالة صراع داخلي بين رغبته الشديدة في الاستقلال والتحرّر من مبادىء ومسلّمات البيئة-المنشأ، وشعوره بالتقصير في التزاماته العائلية، إضافة الى الصراع بين ما تعلّمه من قيم وممارسات في الطفولة وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة في الحياة2.
-
العامل الديني والطائفي: يلعب الانتماء الديني والطائفي في مجتمعاتنا اليوم دورا˝ مهما في تكوين شخصية الفتى أو الفتاة، وذلك منذ الصغر. للأسف فان العصبية الطائفية تغزو أبناء المجتمع الواحد في مواقع يفترض أن تكون هي الأكثر تحصنا ومناعة ضد الطائفية، أي المدارس3، حتى أن الطائفية صارت سببا للنزاعات والخلافات بين الطلاب. إن للمدرسة كما للأهل دور أساسي في:
-
تلبية حاجة المراهق الى الارشاد الصحيح، بعيدا عن التعصّب وتغذية الحقد تجاه من لا يشبهنا
-
في احترام حقّه للمشاركة الفعّالة في أخذ القرارات وتقرير مصيره
-
في مساعدته على تطوير مهارات إيجابية لحلّ النزاعات مبنية على مبدأ السلام والتسامح وتقبّل الاختلاف
-
العامل الثقافي: إن تأثير التطور السريع في عالم الاتصالات وانتشار مظاهر العولمة في كل أرجاء العالم له إيجابيات وسلبيات على تطوّر شخصية المراهق وتصرّفاته، كما هو مبيّن أدناه:
-
يتعرّف المراهق الى ثقافات تختلف كل الاختلاف عن ثقافته
-
يغني معرفته وثقافته العامّة
-
يغذّى فكره النقدي ويغنيه بالمعلومات
-
يدرك بشكل عميق مدى الاختلاف بين بيئته والبيئات الأخرى
-
يعيش صراعا حادا بين جيله وجيل والديه (قيم وتقاليد )
-
يشعر بالاغتراب فيتمرّد ويتكابر ضد سلطة والديه
-
ينسلخ عن مواقف والديه وثوابتهم ورغباتهم كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرّده وتمايزه.4
الاختلاف بسبب ظروف استثنائية
-
الاختلاف بسبب المرض أو الإعاقة :
قد يشعر بعض المراهقون بالاختلاف بسبب حالة مرضية مزمنة أو إعاقة تمنعهم من المشاركة والتواصل مع الآخرين، مما يعزز من قبل الوصمة المجتمعية والمفاهيم الخاطئة عن الحالة وهذا الشعور يترجم كالتالي:
-
يميّزون بين أنفسهم والآخرين "الطبيعيين"
-
يتفادون التواصل الاجتماعي
-
يشعرون بالاحباط
-
يشعرون بأن ما من أحد يفهمهم وأنهم غير مرغوبين ضمن المجموعات
-
يتجنّبون الانخراط مع أقرانهم في النشاطات الترفيهية، بخاصة الحركية منها كمباريات الرياضة، أو حتى تعلّم قيادة السيارة
-
يشعرون أن حياتهم قد تكون حتما˝ أفضل لو لم يكن لديهم تلك المرض أو الاعاقة
-
تتشوه صورتهم الذاتية: يشعر بأنه غير جذّاب، غير مرغوب به، بل محطّ شفقة الآخرين
-
تتزعزع الثقة بالنفس
-
يشعرون بالاكتئاب والغضب
-
الاختلاف بسبب الذكاء المتفوّق:
يشعر المراهق بالاختلاف إذا كان يتحلّى بقدرات فكرية متفوّقة عن أترابه (مثلا: التفوّق المدرسي). إن إيجابيات التفوّق كثيرة منها:
-
الفضول الفكري
-
سرعة التعلّم
-
خيال واسع وإبداع
-
شغف للمعرفة
لكن للتفوّق المدرسي أيضا سلبيات، ، وأهمّها:
-
الشعور بالملل من الوظائف التقليدية التي تطلب من المراهقين
-
صعوبة في تقبّل الانتقادات
-
الشعور بالوحدة والعزلة5
-
الشعوربأنه منبوذ من الآخرين بسبب تفوّقه
-
القلق والانعزال عن الآخرين
من المهم جدا˝ مساعدة هؤلاء المراهقين على تطوير إدراكهم لأوجه الشبه ونقاط الاختلاف بينهم وبين أقرانهم وتزويدهم بالتدريب اللازم على التواصل الاجتماعي السليم بعيدا˝ عن التنافس أو انتقاد الآخر الأضعف أو التكابر.
-
الاختلاف بسبب تأخّر أو تقدّم عمر البلوغ:
-
إن التقدّم في عمر البلوغ عند الفتيان، أي البلوغ المبكر، من شأنه أن يزيد الثقة بالنفس وتحسين الصورة الذاتية، حيث أن الشاب يتباهى أمام أصدقائه بظهور علامات البلوغ (الشعر على الوجه وعلى الأعضاء التناسلية، ، خشونة الصوت، نمو العضلات، الخ) ويعتبر الآخرون أنه أصبح رجلا ولديه خبرات عديدة، فينجذبون اليه ويريدون مصادقته.
-
أمّا الفتيان الذين يتأخّرون في عمر البلوغ، فقد يعانون من بعض المشاكل النفسية الناتجة عن خوفهم من اعتبار أنفسهم "غير طبيعيين" ، أو عن شعورهم بأنهم غير جذّابين فينعزلون ويشعرون بالخجل وبالقلق حيال هذا التأخّر في البلوغ.
-
تختلف الصورة بالنسبة للاناث: فالفتاة التي تبلغ بشكل مبكر لا تشعر بالارتياح مع صديقاتها اللواتي ما زلن يشبهن الفتيات الصغيرات، وتبدو محرجة بعلامات النمو الظاهرة على جسدها وتحاول اخفاءها، وتشعر أنها مختلفة عن زميلاتها وهذا الشعور يجعلها تنزوي فتتدنّى ثقتها بالنفس.
-
العكس يحصل عند الفتيات اللواتي يتأخّرن في البلوغ، بخاصة اللواتي يتميّزن بجسم نحيل يشبه أجساد عارضات الأزياء اليوم ، ما يزيد من جاذبيتهن ويساهم في تعزيز ثقتهنّ بالنفس.
-
الاختلاف بسبب الهجرة أو الظروف الاستثنائية:
الكثير من شباب اليوم يعيشون في ظروف استثنائية ، مثل الاضطرار للهجرة من موطنهم بحثا عن فرص تعليم أو عمل لتأمين مستقبلهم، أو العيش في ظروف مأساوية بسبب الفقر والتشرّد والاقامة في مخيّمات للاّجئين، أو بسبب الحروب أو الكوارث الطبيعية.
-
بالنسبة للّذين يهاجرون الى بلدان الاغتراب ، فهم عرضة لاختبار مشاعر الاختلاف بشكل حاد، اختلاف ثقافي أو ديني أو عرقي/إثني، إضافة الى الضغوطات المادية التي يعانون منها وتحدّيات الحياة اليومية التي يواجهونها. من المهم أن يجد هؤلاء الشباب مصدر دعم نفسي واجتماعي في بلد الاغتراب للتخفيف عن مشاعر الوحدة وللتأقلم مع أوجه التمييز العديدة التي قد يتعرّضون لها (في المدرسة أو الجامعة أو في مركز العمل ، أو حتى في الحي الذي يقيمون فيه).
-
بالنسبة لهؤلاء الشباب الذين يعيشون في ظروف مأساوية (فقر، تهجير، حروب...)، فهم حتما يشعرون بالاختلاف الكبير بينهم وبين أقرانهم في البلدان المجاورة أو في المناطق الآمنة، أو ما يشاهدونه على شاشات التلفزة أو يقرؤون عنه في الصحف والمجلاّت. ان هذا الشعور يولّد نوعا من الاحباط عندهم، بخاصة عندما يدركون النقص الكبير في فرص التعليم أو العمل وفي الموارد المادية، والتقصير الفادح بحقّهم من قبل كل الجهات التي تدّعي أنها تقدّم لهم المساعدات. يزداد الاحباط عندما يشعرون بأن حقوقهم بالعيش اللاّئق الكريم مهدورة وأن ليس لديهم القدرة على تغيير هذه الظروف. ان الاحباط والاستسلام للأوضاع يولّدان الاكتئاب. من هنا أهمية توافر الدعم النفسي-الاجتماعي لهؤلاء الشباب لتحفيز صلابتهم الداخلية في وجه الصعوبات والمآسي لكي لا يفقدوا الأمل في مستقبل أفضل.
الرغبة في الاختلاف عند المراهق
إن القاعدة المعرفية والتحليلية لدى المراهق تتّسع وتتشعّب يوما˝بعد يوم، وهذا التشعّب المعرفي يولّد الإبداع. إن الإبداع هو العامل الأساسي وراء رغبة المراهقين الشديدة في التميّز والاختلاف عن الآخرين.
يركّز "كوهلبرغ"6 على الفرق بين "التميّز" و"التمرّد":
إن التميّز:
-
هو نوع من التفكير النقدي
-
لا يعني العناد المتحجّر والوقاحة المتكبّرة أو الرفض العنيف لمواقف الآخرين
-
لا يعني نبذ سلطة الآخر
-
هو توازن بين تقبّل السلطة والاختلاف عنها في بعض المواضيع
-
هو الاختلاف الهادف (ليس الاختلاف فقط لأجل الاختلاف)
هو نوع من التميّز "التقدّمي" 7 حيث يسعى المراهق لتأكيد هويته والتعبير عن آراءه المختلفة عن طريق تقبّل آراء الآخرين بعين ناقدة بغية تطويرها وتحسينها. |
أمّا التمرّد :
-
ينبثق من شعور الضعف والخوف عند المراهق
-
يشعر من شعور بالعجز أمام سلطة قوية، ثابتة، ومستمرّة في الزمن
-
هو رغبة حادّة في منافسة هذه السلطة
-
يتميّز بالنبذ والرفض والتحدّي والتأزّم
هذا وان الرغبة في الاختلاف عند المراهقين تتّخذ أشكالا˝عديدة ومتنوّعة، لعلّ أهم هذه الأشكال ما حصل في منتصف الستّينات من القرن الماضي مع حركة "الهيبّيز"8: تأسست هذه الحركة على يد مجموعة من المراهقين والشباب بين 15 و25 سنة في مدينتي نيويورك وسان فرنسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية وسرعان ما انتشرت في عدد كبير من بلدان العالم مثل كندا وأستراليا واليابان ومكسيكو والمملكة المتحدة والبرازيل. اعتمدت هذه الحركة شعار السلام والحب والحرية الشخصية، وكافحت ، بواسطة الموسيقى والفن وبعض التحرّكات السياسية ، ضد مبدأ الحرب (بخاصة حرب فيتنام) والتسلّح النووي و القيم "البورجوازية"، مطالبة بالتحرّر الجنسي والعيش المشترك وتقبّل الآخر والتسامح.
في كل الأحوال، إن الرغبة في الاختلاف لدى المراهقين موجودة بقوة في صميم بحثهم عن هويتهم، فهي:
-
رغبة طبيعية بل حاجة للتطوّر
-
تهدف الى الاكتفاء الذاتي والاستقلالية المادية والمعنوية
ما يحتاج اليه المراهق هو مساعدتنا على تنمية هذه الحاجة لا قمعها أو تحطيمها، وذلك من خلال توفير الفرص أمامهم للعمل المثير البنّاء الذي يزيد من خبرتهم ومعرفتهم، وتدريبهم على تطوير المهارات الاجتماعية والحياتية وتحمّل المسؤوليات ومعرفة حقوقهم:
فإذا كان من حق المراهق أن يعامل باحترام وتفهّم، فمن واجباته أيضا˝أن يثبت أنه جدير بالاحترام والتفهّم |
من الحاجة للاختلاف الى الحق في الاختلاف
إن حاجة المراهقين للتميّز والتفرّد والتعبير عن آرائهم ترتبط مباشرة بمسألة حقوق الإنسان، فحسب الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل (1989)، إن الحق في الاختلاف هو من الحقوق الجوهرية مثل:
-
الحق في حرية الفكر والوجدان والعقيدة (المادة 14 )
-
الحق في حرية الرأي والتعبير (المادة 13)
-
الحق في حرية البحث العلمي والأدبي والفنّي والثقافي9.
في الإطار نفسه، تنص المادة 29 من الاتفاقية على أن يكون تعليم الطفل موجّها˝ نحو:
-
تنمية شخصيته ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية الى أقصى إمكاناتها
-
إعداد الطفل لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر، بروح من التفاهم والسلم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات الأثنية والوطنية والدينية
أي أن يشكّل فضاء˝ للتجديد وأن يساعد المراهق على بناء هوية متفرّدة والمهارات الحياتية اللازمة لتحقيق الذات10.
في مجتمعاتنا، يبدو أن التحدّي الأكبر الذي يقف في وجه المراهقين هو رفض التغيير وتطوّر الأفكار من قبل المجتمع (الأهل، الجماعة المحلية التي ينتمي إليها المراهق، أصحاب السلطة) الذي يقاوم أو يرفض الفكر الجديد بسبب تحفّظه وتمسّكه بالقيم والمعتقدات الدينية أو الثقافية. يكمن الحل في تزويد الأهل بمهارات التعاطي مع مرحلة المراهقة لأجل تحسين مواقفهم تجاه الجيل الحالي وتثقيفهم حول حقوق الشباب.
هكذا تتعزّز حقوق الشباب في المشاركة والتعبير عن رأيهم في ما يتعلّق بمختلف القرارات التي تطال حياتهم، لأن "الشباب هم أمل المستقبل، مواطنو اليوم والقوة الايجابية في المجتمعات المحلية".
وكما قال الشباب الموفدون الى الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة المعنية بالأطفال التي عُقدت في نيويورك في الفترة الواقعة بين 8-10 أيار/ يناير 2002 في بيان سمّي "عالم جدير بنا "11:
نحن لسنا المشاكل، نحن الموارد التي تحتاجونها لحل المشاكل. نحن استثمار. نحن لسنا فقط شباب، بل سكّان هذا العالم. لدينا حقوق وإرادة ومعرفة ولواء. نحن شباب العالم وبالرغم من اختلافاتنا، نحن نتقاسم حقيقة واحدة مشتركة: نحن معا˝ في نضالنا لجعل العالم مكانا˝ أفضل للجميع... |
عالم جدير بالشباب: لا شيء عن الشباب من دونهم
إن بناء عالم جدير بالشباب يفرض إشراك الشباب أنفسهم في بناء هذا العالم، انطلاقا˝ من الشعار "لا شيء عنّا من دوننا"12 الذي أطلقه الكاتب والناشط الأميركي في قضايا الإعاقة "دجيمز أ. شارلتون"13 في كتابه بنفس العنوان، مناديا˝ بضرورة المشاركة الكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة في التعبير عن الآراء وأخذ القرارات والمطالبة بحقوقهم وتكافؤ الفرص والمساواة في المجتمع.
يرتكز نهج التنمية الشبابية الايجابية لورشة الموارد العربية (2009)14 على المبدأ نفسه من خلال:
-
وضع الشباب في صلب التنمية
-
تطوير طاقاتهم وتمكين قدراتهم وتوسيع خياراتهم للاعتماد على الذات والمشاركة في القرار والأداء والرقابة
-
توفير مدى واسع من المجالات المتنوّعة (تعليمية، رياضية، ثقافية، ترفيهية، سياسية، إعلامية) التي تمكّن مشاركة المراهقين
-
توسيع مجالات الخيارات المستقبلية للمراهقين
-
تنمية المهارات الضرورية للشباب كخطوة نحو هدفهم المستقبلي
-
تغيير مواقف وسلوكيات عدد كبير من البالغين (سواء في الأسرة أو في المدرسة أو على مستوى القادة وواضعي السياسات 15.)
الحق في الاختلاف في صميم مبدأ المشاركة
انطلاقا من المبدأ أن الشباب "هم مورد...وليسوا مشكلة"، يعتمد نهج التنمية الشبابية الايجابية في ورشة الموارد العربية (2009)، على "المشاركة" كشرط أساسي من شروط النمو والتنمية الفردية والمجتمعية، بهدف الوصول الى عيش حياة ناجحة وسعيدة وصحية.
لتحقيق هذا الهدف، لا بد من مساعدة المراهقين على تطوير بعض الخصائص الجسدية والفكرية والنفسية والاجتماعية التي تسهّل التنمية الايجابية، مثل:
-
اكتساب عادات صحية سليمة
-
تحفيز الاندفاع للتعلّم والنجاح المدرسي
-
تحصين الثقة بالنفس والإحساس بالقيمة والتقدير من قبل الآخرين
في الإطار نفسه، يشدّد النهج على بعض الميزات التي تتعلّق بالحق في الاختلاف، مثل:
-
تطوير التفكير النقدي المنطقي
-
تنوّع المعرفة لاستقطاب أكثر من ثقافة واحدة
-
تحفيز الإحساس بالاستقلالية الفكرية والعاطفية
-
إبداء التفاهم والتعاطف مع الآخرين
-
تطوير القدرة على التعايش في أطر ثقافية وحضارية مختلفة
إن جميع هذه الميزات ترتكز على المهارة الأساسية والضرورية في فن التواصل مع الآخر، وهي مهارة الإصغاء للآخر واحترامه. أمّا المشاركة، فهي تنطلق من قيمة الإصغاء للآخر واحترامه وترتقي لتصل الى حد مشاركته وتحقيق "الشراكة" معه.
أشكال المشاركة للشباب عديدة ومتنوّعة وقد تشمل:
-
مشاركة الشباب في اتخاذ قرارات في مواضيع تحسّن حياتهم وحياة المجتمع ككل
-
مشاركة الشباب في تخطيط وتنفيذ وتقييم العمل
-
مشاركة الشباب مع الفئات العمرية الأخرى في أنشطة الحياة اليومية ("من شاب الى طفل"، "من شاب الى شاب"، "من شاب الى مجموعة"...الخ).
المشاركة حق من حقوق الشباب
إن الشباب يتعلّمون عن طريق الاستكشاف والاختلاط والتجارب، وكل ذلك يفترض مشاركة الآخرين، كبارا˝ كانوا أو صغارا˝، فتصبح المشاركة حاجة تطوّرية جوهرية في عملية النمو. وبما أن الشباب هم جزء أساسي من المجتمع، تصبح المشاركة حقا˝ أساسيا˝ لهم : حق كل واحد منهم أن يعبّر عما هو خاص به، ومهم له، من آمال وطموحات وآراء.
من جهة أخرى، إن مشاركة الشباب ضرورية من أجل إسماع صوتهم والحصول على تفهّم أكبر لقضاياهم من قبل مجتمع الكبار، كما أنها تساهم في إعادة النظر في بعض المفاهيم الاجتماعية والثقافية التي لا تواكب تطلّعات العصر الجديد بل تعيق تحرّكات الشباب و تقلّص الفرص أمامهم للحصول على المعرفة والخبرة اللازمتين في عصرنا هذا.
إن المشاركة تؤدّي الى مجتمع متعاون، يؤمن بأن لدى شبابه قدرات ويتطلّع الى المستقبل بثقة أكبر.16 |
1 جان بياجيه (1896-1980)، فيلسوف سويسري اشتهر بنظريته في علم المعرفة، حائز على شهادة دكتوراه فخرية من جامعة "هارفرد" الأميركية عام 1936
2 ورشة الموارد العربية (2009)، معا˝ نعمل ونتعلّم! : 6 خطوات في بناء مشروع شبابي (دليل موجز للشباب والناشئة والعاملين معهم). بيروت.
3 أخبار الخليج اليوم: التمييز والتهميش والطائفية، تحقيق محمد الساعي، مريم أحمد، مصعب الشيخ صالح.13 /6/ 2007
4 ورشة الموارد العربية (2009)، معا˝ نعمل ونتعلّم! : 6 خطوات في بناء مشروع شبابي (دليل موجز للشباب والناشئة والعاملين معهم). بيروت.
5 Silverman, L.K. (Ed.) (1993). Counseling the Gifted and Talented. Love Publishing Co. USA.
6 لورانس كوهلبرغ (1927-1987)، باحث أميركي في علم النفس ومن أهمّ أتباع "جان بياجيه"، اشتهر بنظريته التطوّرية في النمو الأخلاقي
716. Yela, M. (2000) Adolescents and rebelliousness. Available from http//Family Life Institute.org/Parenting/rebelliousness-in-adolescence.htm
8 Hippie movement
9 للاطّلاع على النص الكامل لاتفاقية حقوق الطفل، مراجعة الموقع: www.unicef.org/voy/arabic
10 ورشة الموارد العربية (2009)، معا˝ نعمل ونتعلّم! : 6 خطوات في بناء مشروع شبابي (دليل موجز للشباب والناشئة والعاملين معهم). بيروت.
11 للاطّلاع على النص الكامل لبيان "عالم جدير بنا"، مراجعة الموقع: www.unicef.org/voy/arabic
12 Nihil de nobis, sine nobis
13 Charlton, James I (1998). Nothing About Us without Us. University of California Press
14 رمال، نزار(اعداد) (2002) برنامج الشباب والحياة الصحية / توثيق. ورشة الموارد العربية.
15 مقتطفات من ورقة د. سحر اسماعيل طويلة قدّمتها في المنتدى العربي الاقليمي للمجتمع المدني حول الطفولة، الرباط 2001. (المصدر؟)
16 ورشة الموارد العربية (2009)، معا˝ نعمل ونتعلّم! : 6 خطوات في بناء مشروع شبابي (دليل موجز للشباب والناشئة والعاملين معهم). بيروت.
علِّق