برنامج رعاية وتنمية الطفولة المبكرة
ثمرة الشراكة والخبرة الجماعيّة منذ العام 1992
في أوائل التسعينات، وبعد سنوات من الخبرة على الصعيد المحلّي، تداعى عدد من الأفراد والهيئات من بلدان عربيّة مختلفة، فالتقوا لكي يتشاركوا ما ينبع من تلك الخبرات من حاجات وتحدّيات. وقد جمعهم أيضاً الحلم بتطوير نهج مشترك في العمل مع الأطفال في أعوامهم المبكرة.، إذ كانت برامج الروضات والتعليم ما قبل المدرسي قد بدأت تعمّ وتستفيد في تقدير تلك القطاعات من المجتمع القادرة على تحمّل تكاليفها. إلاّ أن الحاجة إلى نهج شمولي جديد بدأت تطرح نفسها، بإلحاح، نهجٍ يفتح فرص الرعاية والتعليم المبكرين لكل الأطفال.
بعد أول لقاء إقليمي حول الحاجات والتحدّيات والمبادرات في مجال الطفولة المبكرة/ 1992، وأخذت مجموعة من الناس أصحاب الخبرة الغنيّة في البيئات العربيّة، على عاتقها، مهمّة جسيمة: محاولة تلبية حاجة العاملات والعاملين في ميدان الطفولة المبكرة إلى موارد تدعمهم، باللغة العربيّة. وفي هذا المجال، جاءت بدايات العمل مع المهنيّات والمهنيّين ومع الآباء والأمّهات، لتؤكّد أهميّة أدوارهم والحاجة إلى إشراكهم والتعلّم من خبراتهم. وبدورهم، فإن الأطفال الذين تركّزت عليهم الأنشطة والبرامج المحليّة التي عزّت المسيرة الإقليميّة، قد لعبوا -بطرقهم الخاصّة-دورًا لافتًا وقد فعلوا ذلك، ببساطة، من خلال كونهم المناصرين الفاعلين في تطوير نهج شمولي تكاملي في الطفولة المبكرة.
لقد تحوّلت المهمّة، تدريجيًّا، إلى مشروع كبير من البحث التعاوني الذي كان هذا الدليل من أهم ثماره. وكان إعداد الدليل مسارًا عضويًّا، أي أنّه تطوّر ونما تدريجًا، وكان مسارًا جمعيًّا من الاستكشاف والتشبيك، امتدّ على مدى عقدٍ من الزمن.
يستند برنامج رعاية وتنمية الطفولة المبكرة لورشة الموارد العربية إلى ركيزتي النهج الشمولي التكاملي المقبولتين عالميًّا، وهما: حقوق الطفل، وعلم النفس النّمائي. وهو يعرض أساليب مختلفة من أجل التعرّف على طرق عملٍ تساهم في تحسين البرامج والموارد الخاصّة برعاية الطفولة المبكرة، بحيث تتعاظم فائدتها، وتزداد ملاءمتها للواقع المحلّي، سواء العربي، أو غيره.
ما هو النّهج الشّمولي التّكاملي؟
هذا النّهج في رعاية وتنمية الطفولة المبكرة، والذي تطوّر من خلال المسار الجَمْعي في العالم العربي، صار يُعرف بالنّهج الشّمولي التّكاملي، وإليه يرتكز هذا الدّليل.
ما نقصد بالشّمولي؟ وماذا نقصد بالتّكاملي؟
الشّمولي: ويعني به النظر إلى الطفل "ككلّ واحد موحّد". إنّ للأطفال حاجات متنوّعة ومهمّة بكافّة جوانبها، وهي تتداخل فيما بينها، وتؤثّر على بعضها البعض. لذلك، ينمو الطفل ويتعلّم من خلال تفاعله ونشاطه في كافّة مجالات حياته.
التّكاملي: ويهني به أخذ حاجات الطفل بمُجملها في الحسبان، حتّى عندما نهتمّ بحاجة واحدة معيّنة لديه. إنّ السّعي نحو توفير خدماتٍ متكاملة هو نتاجٌ منطقي لإدراكنا طبيعة الطفل الشموليّة.
ما هي مبادئ النّهج الشّمولي التّكاملي؟ (http://www.mawared.org/ar/resources/lkbr-wlsgr-ytlwmwn )
يستند النّهج الشّمولي التّكاملي إلى مجموعة من المبادئ، جرت مناقشتها وتبنّيها خلال المسار الجمعيـ وعلى مدى سنوات عدّة. لقد تمّ تنظيم هذه المبادئ في إطار مرجعي يسهّل على العاملين مع الأطفال، وعلى واضعي السياسات، أن يقرأوا واقع الطفولة في مجتمعاتهم، وأن يحسّنوا البرامج والموارد الخاصّة برعاية وتنمية الطفولة المبكرة.
يرتكز هذا الإطار الضوء على ثلاثة مبادئ أساسيّة، وهي:
· الطفل كيانٌ واحد موحّد، مهمٌّ بكافّة دوانبه، حيث يتأثّر كلّ جانب بالجوانب الأخرى، ويؤثّر فيها.
· الطفولة مرحلة عمريّة قائمة ومتكاملة في حدّ ذاتها، ومن حقّ الطفل وحاجته أن يحياها بكاملها.
· يحدث النموّ في خطواتٍ متسلسلة يمكن التّنبّؤ بها، تتخلّلها فتراتٌ تكون فيها جاهزيّة الطفل للتعلّم في أوجها.
إضافةً إلى المبادئ الثلاثة السابقة، جرى تطوير 11 مبدأ آخر يتناول أهميّة البيئة في نموّ الطفل وتطوّره، وفي تطوير برامج نوعيّة في رعاية وتنمية الطفولة المبكرة.
نهجٌ يعزّز الدّمج
إنّ النّهج الشّمولي التّكاملي هو، بطبيعته، نهجٌ دامجٌ، باعتبار أنّه يتمحور حول الطبيعة الشّموليّة للطفل. فهو ينظر إلى الجوانب المختلفة لشخصيّة الطفل، وإلى خاصّية محيطه الثقافي، ويشدّد على حدوث التعلّم من خلال تفاعل الطفل مع الآخرين.
يطالبنا النّهج الشّمولي التّكاملي بأن نرى كلّ الأطفال بدون تمييز، وأن نساندهم في نموّهم. وهذا معناه أنّ علينا أن نعرف وأن نتفهّم وجهات نظر الأطفال الذين كثيراً ما نغفل عن رؤيتهم في مجتمعنا المحّلي، إمّا بسبب جنسهم، أو مكانتهم الإجتماعيّة، أو اختلاف أصولهم الثقافيّة، أو قدراتهم الجسديّة.
أحجار الزاوية الأربعة لإيجاد أساس متين للأطفال الصغار
المجموعة الاستشارية لرعاية وتنمية الطفولة المبكرة (CGECCD) www.ecdgroup.com
تشكّل برامج الطفولة المبكرة أساساً متيناً للصحة السليمة، والنمو، والنجاح في التربية والحياة. إنّ الاستثمار في الأطفال الصغار يوفّر المال، ويثمر النتائج على المدى الطويل.
حجر الزاوية 1: البدء من البداية (البداية حتي ثلاثة سنوات)
إدراج التحفيز المبكر، وتنمية الطفل، والمعلومات المتعلّقة بالوالدية في خدمات ما قبل الولادة، وخدمات الصحة المبكرة، وخدمات التغذية، وخدمات التربية، وذلك من خلال:
§ تأمين الوصول إلى برامج الوالدية التي تتناول تنمية الطفل الشمولية، وخصوصاً للعائلات الأكثر قابلية للتعرّض للأذى.
§ تحسين الخدمات للأطفال الصغار والعائلات بما فيها التحفيز المبكر، والصحة، والتغذية، ورعاية الطفل.
حجر الزاوية 2: التهيّؤ للنجاح (ثلاثة حتى ستة سنوات)
توفير الوصول إلى سنتين على الأقل من برامج الطفولة المبكرة ذات النوعية العالية وذلك قبل الدخول رسمياً إلى المدرسة، بدءاً بالأطفال الأكثر قابليةً للتعرّض للأذى، والأقلّ حظوةً.
حجر الزاوية 3: تحسين نوعية المدرسة الابتدائية (ستة حتى ثمانية سنوات)
زيادة الاستثمارات وتحسين الانتقال من المدرسة أو الروضة إلى المدرسة الابتدائية، إضافةً إلى تحسين نوعية التعلّم في الصفوف الثلاثة الأولى، وذلك من خلال:
§ تأمين معلّمين يتمتّعون بالمعرفة عن الطفولة المبكرة في فترة التدريب أثناء الخدمة وقبلها،
§ وتوفير مواد التعليم المناسبة للأطفال،
§ وتأمين صفوف أصغر حجماً.
حجر الزاوية 4: إدراج الطفولة المبكرة في السياسات
تناوُل الطفولة المبكرة في السياسات والخطط الوطنية كافة في مختلف القطاعات، بما في ذلك وثائق استراتيجية تقليص الفقر (PRSPs)، والتقييم العام للبلد (CCAs)، وإطار عمل الأمم المتحدة للمساعدة الخاصة بالتنمية (UNDAF)، ووثقائق التخطيط الخاصة بمبادرة "أمم متحدة واحدة"، وخطط التربية للجميع (EFA)، وخطط مبادرة المسار السريع (FTI). كذلك، تأمين الموارد الملائمة، والتعاون المتعدّد القطاعات من خلال الحرص على أن تكون الطفولة المبكرة جزءاً لا يتجزّأ من عمليتَي التخطيط ووضع الميزانيات الخاصة بالتنمية والاقتصاد الكلّي.